"زرّيعة إبليس" مسرحيّة من إنتاج شركة "فن الضفّتين" إخراج حافظ خليفة، تمثيل دليلة المفتاحي جليلة بن يحيى منصور الصغير نورهان بوزيان و هاجر سعيد. قدمت المسرحية يوم 2 فيفري2010 في فضاء "التياترو" ضمن فعاليات اللقاء السنوي للمسرحيين الشبان. نص المسرحية اقتباس من ثلاثة نصوص( الخادمات،4 ساعات في شتيلا والفلسطينيون) لjean Genet .
أثّث الفضاء بمسطبة في شكل رقعة شطرنج و صورة حائط يحدّ كامل خلفية الرّكح. جلّ مشاهد الرواية مضاءة بحرفيّة عالية من أجل إضفاء شحنة من الحزن و ذلك باستعمال إنارة من الأسفل (contre plongee). لفصل أزمنة السرد استعمل المخرج أيضا في مدخل المسرحية أخيلة الظلّ من خلال ستار شفّاف . تشتمل المسرحيّة على العديد من حركات الصراع الجسدي بين الممثلتين الرئيسيتين( مفتاح و بن يحيى) و كان المخرج موفقا 5/5 في إدارة هذه الحركات العنيفة و ما يصاحبها من صراخ دون أن يتحوّل ذلك إلى هستيريا مجانية كما نرى ذلك في بعض الأعمال. دليلة المفتاحي كانت، كعادتها، ممثلة محترفة دقيقة الحركة و النبرة. الإكتشاف في هذه المسرحية كان جليلة بن يحيى التي كان أدائها ممتازا. استعمال شريط صوتي ل Lise Gerrard كان موفّقا.
تروي المسرحية قصّة أختين "فضيلة" و "فاضلة" تعملان خديمتين لدى سيّدة . الأختين ولدتا على أثر اغتصاب تعرّضت له أمّهما. تعيشان سجينتين في المنزل، و تحلمان بقتل سيدة المنزل لكي تتمكّنان من التحرّر. ثمّة أيضا بائع حليب راود إحدى الأخوات و ضاجعها و يريد الانقضاض على الثّانية. تتصارع الأختان في لعبة "السيّدة/الخادمة" لعبة "أنا صاحب القرار/أنا المهيمن" حتّى الدموع و العرق و الإرهاق. يأتي خبر خروج معشوق سيّدة المنزل من السجن فتعجّلان بمحاولة التخلص من سجّانتهنّ لكنّهما تفشلان و ينتهي الصراع بأن تقتل "فضيلة" في حركة جنونية أختها ضانّة أنها ربّة البيت(أو عن وعي) ثم...!! تتخلّل مشاهد الدراما لوحات قصيرة فيها فتاة تلبس بدلة فلسطينية( صدر الفستان من قماش الزنّار الفلسطيني) تدخل الحكي لتنحب مصير الشعب الفلسطيني و تنبّه من مخاطر الإنقسام.
العمل جيّد و متكامل و غير رتيب. فيه صراع و شدّ و تقدّم في السرد ثم ذروة و انفجار للتناقضات. فيه نقطة ضعف واضحة، هي أنّ المتفرّج العادي لا يعرف "جان جيني" و نصوص "الخادمات" و "4 ساعات في شتيلة" و يصعب عليه الربط بين اللوحات و قراءة رمز ربطة الشعر عند الخادمتين( بندو من قماش زنّار فلسطيني). لي أيضا اعتراض على عنوان المسرحيّة لما يحمله من شحنة ايديولوجيّة عفنة و متخلّفة في المنطوق الشعبي في تونس و أظنّ أن حافظ خليفة لم يتفطّن لهذا.
نصيحتي للقرّاء أن يشاهدوا هذا العرض عندما تعاد برمجته.
شكرا جزيلا على هدا التحليل الجميل ..بالنسبة للجانب العفن الدي يحمله عنوان المسرحية فانه فعلا كان مقصودا للعفن الدي تعيشه الاختين العدوتين في نفس الوقت.. و الدي فيه احالة الى الصراع الداخلي الفلسطيني الحالي..العنوان تم اختياره بشكل مستفز للقضية المطروحة اساسا و ليس لسب الانثى ..زريعة ابليس هو استعارة هو لثلب للكيان الصهيوني الدي تم زرعه للتفرقة بين الاخوة و تشثيت الشمل.. مع الشكر حافظ خليفة ..مخرج العمل