الجمعة، 29 يونيو 2007


المادة 19 من الميثاق العالمي لحقوق الأنسان
حرّية التعبير
لكلّ فرد حقّ حرّية التّمسّك بالرأي و التّّعبير عنه
و يتضمّن هذا الحقّ حرّية التّمسّك بالرأي دون تدخّل خارجي
و حرّية السّعي لمعلومات و أفكار و الحصول عليها
و نقلها من خلال وسائل الأعلام و بغضّ النّظر عن الحدود



الاثنين، 25 يونيو 2007


UN JOUR UN JOUR

Tout ce que l'homme fut de grand et de sublime
Sa protestation ses chants et ses héros
Au dessus de ce corps et contre ses bourreaux
A Grenade aujourd'hui surgit devant le crime

Et cette bouche absente et Lorca qui s'est tu
Emplissant tout à coup l'univers de silence
Contre les violents tourne la violence
Dieu le fracas que fait un poète qu'on tue

Un jour pourtant un jour viendra couleur d'orange
Un jour de palme un jour de feuillages au front
Un jour d'épaule nue où les gens s'aimeront
Un jour comme un oiseau sur la plus haute branche

Ah je désespérais de mes frères sauvages
Je voyais je voyais l'avenir à genoux
La Bête triomphante et la pierre sur nous
Et le feu des soldats porté sur nos rivages

Quoi toujours ce serait par atroce marché
Un partage incessant que se font de la terre
Entre eux ces assassins que craignent les panthères
Et dont tremble un poignard quand leur main l'a touché

Un jour pourtant un jour viendra couleur d'orange
Un jour de palme un jour de feuillages au front
Un jour d'épaule nue où les gens s'aimeront
Un jour comme un oiseau sur la plus haute branche

Quoi toujours ce serait la guerre la querelle
Des manières de rois et des fronts prosternés
Et l'enfant de la femme inutilement né
Les blés déchiquetés toujours des sauterelles

Quoi les bagnes toujours et la chair sous la roue
Le massacre toujours justifié d'idoles
Aux cadavres jeté ce manteau de paroles
Le bâillon pour la bouche et pour la main le clou

Un jour pourtant un jour viendra couleur d'orange
Un jour de palme un jour de feuillages au front
Un jour d'épaule nue où les gens s'aimeront
Un jour comme un oiseau sur la plus haute branche



الثلاثاء، 19 يونيو 2007


كانت الساعة الحائطية لمبنى البلدية تشير إلى الساعة العاشرة و خمس دقائق.

أغلقت كل المحلات التجارية, و لم يبق في ساحة "الجمهورية" إلا بائع سجائر متجوّل ينتصب كل ليلة في الرّكن المؤدي إلى شارع المحطة .

توقّف أمام البائع و اشترى علبة كبريت. أومضت فوق رأسه لافتة لامعة كانت تشتغل بصفة متقطّعة , تارة حمراء وتارة أخرى صفراء , فتصبغ وجهه من الحمرة إلى الصفرة.

زأمه البرد و دوّخ الألم رأسه . تقدّم نحو وسط الساحة حتى وصل قرب ثلاثة رجال كانوا يتبوّلون.

ابتعد منهم في خوف واضح . استدار أحدهم وأقذع القول في اتّجاهه :

...أمك ... أنتم سبب غلاء المعيشة...يا نزوح ....

تذكّر أياما كان السّكر يفضي به إلى السّجن لعربدته في الطّريق العام أو لسبّه بعض المارّة أو أعوان الشّرطة.

رفع رقبة معطفه حتى أذنيه و مرّ بين سيّارتين رابضتين, تعلّق أحد الأكياس التي كان يحملها برادّة إحدى السّيارات و تمزّق. تبعثرت على الأسفلت بعض الأسمال , قارورة ماء, ظرف كرتونيّ سميك

و قطعة من الصّابون.

سحابة ملبّدة من الضّباب الكثيف غطّت الشّارع الطويل الملتوي أحيانا و المنعرج ألى أنهج فرعيّة ضيّقة.

المكان شبه مقفر .لا يسمع فيه إلا شجار القطط فوق حاويات القمامة.

تدرّج على الرّصيف حتّى حاذى مغازة لبيع الأثاث , كانت واجهتها مضاءة .و ككلّ ليلة تقدّم منه شبح

أنسانيّ متوسّط القامة, أشعث الشّعر, كان يبدو مرهقا. و ككلّ ليلة ضغط على يده ثمّ احتضنه. انفكّ من

عناقه و واصل طريقه. مزّق سكون الليل الموحش عواء كلاب.

أربعة سنوات, التهم فيها آلاف الكيلومترات, بلا كلل و لا ملل, لم يعد يعرف للوقت رائحة أو معنى الا في آخر الليل أو مع الشّريط الأوّل للفجر. أصبح الوقت لا يهم لأنه لعبة سكّان المدينة, لعبة عديمة الجدوى. يأتي و يذهب كالضلّ, يتوقّف عند أبواب المتاجر, يعبر الزّحام, يلفّ الميادين, يتفرّس ملامح

المارّة, تكلّ قدماه, و لا أثر لوجه يعرفه أو صديق يحيّيه.

انعطف نحو شارع ضيّق و أخذ يحملق في أبواب المنازل. ثمّة جدار أجرب تتخلّله حفر سدّت بقطع من

القصدير. قابلته قنطرة المحطّة الحديديّة. حثّ خطاه حتّى وصل أعلاها. توقّف ليتنفّس, نفخ في أصابعه

المتجمّدة, مرّر يده على شعر وجهه الخشن, تلف إلى أعلى و تمهّل فوق حاجبيه ثمّ انفرجت أصابعه الرّقيقة و ضغطت على مقدّمة الرّأس بشدّة. ظلّ ينصت إلى إيقاع أفكاره و هي تذرع رأسه في سرعة

هائلة و فوضى. هناك صور لم يمرّر عليها الزّمان يد النسيان...عينا " عائدة " ... حافلة السابعة صباحا

المكتظة...المنطقة الصّناعيّة ساعات الليل في يوم ممطر...عواء غلام في أخر الصفّ...أربعين مضرب

أتوا بهم ليلا لثكنة " القرجاني " ... مغلول ينفث الدّم خيوطا من فمه...يد موشومة بنجمة و هلال بين

خنجرين.

بدأ النّزول نحو رصيف المحطّة, أجرس طير في البعيد. رأى قطارا يخرج من المحطّة هادرا في سكون الليل نافخا دخانه الأبيض نحو القنطرة. أحسّ بوخز في إبهام رجله اليمنى المنتفخة. في مدخل المحطّة قابلته لوحة اشهاريّة لأحد البنوك شاهرة شعارا يتغنّى بالفرح الدّائم ...صورة عائلة تجري وسط الحقول.

امرأة و رجل...بنت و ولد...تذكّر صور الكتب المدرسيّة. عاوده ألم رجله اليمنى و كاد أن يسقط.

استعان بالقضيب الحديديّ المجانب للسلّم و واصل سيره. مرّت بخاطره, للحظة وجيزة, غرفة واسعة مفروشة بالبسط الحمراء الوثيرة و على جوانبها حشايا صغيرة صفراء.

مشى بعض الخطوات فوق الرّصيف.لاحت له بعض الأشباح هنا و هناك.ساعة المحطّة تشير للحادية

إلا الرّبع.كلّ المقاعد مبتلّة. جلّ منتظري القطار وجوههم بيضاء.المكان فضاء واسع. ضوء واهن يتسرّب من فجوات بين السّحب لقمر صغير, ينعكس عليلا على أسطح برك المياه الرّاكدة فوق الاسفلت غيرالمستوي . مشى إلى أخر الرّصيف ثمّ عاد أدراجه. عاملان ببدلات عملهم وأحمال همومهم اليوميّة. شابّان بصدد الاستماع لموسيقى منبعثة من هاتف جوّال. طفل في الخامسة من عمره داهمه النّوم لم يعد يتحمّل الانتظار. عاد يقلّب الساعة. رجع في اتّجاه سلّم المحطّة . توقّف , سعل ثمّ رجع يذرع المسافة الفاصلة بين السّاعة وأخر الرّصيف في حركة متوتّرة .

كان يتمنّى أن يستسلم للنّوم للحظة , لساعة, ليوم.

سمع هديرا ولاح له في الأفق المظلم ضوء بدأ يقترب رويدا رويدا . مرت القاطرة من أمامه حتّى وصلت أخر المحطّة . هرول المسافرون نحو العربات و صعدوا . تثاقل القطار, نفث أدخنته و غاب في العتمة .

توجّه هو صوب قاعة الانتظار...أرخى أكياسه على المسطبة الإسمنتية و استسلم للنوم.

سالم بن يحيى

فيفري2007



الأربعاء، 13 يونيو 2007






الأحد، 10 يونيو 2007


ممنوع من السفر

ممنوع من الغنا

ممنوع من الكلام

ممنوع م الاشتياق

ممنوع م الاستياء

ممنوع م الابتسام

وكل يوم ف حبّك

تزيد المنوعات

وكل يوم باحبك

اكثر من اللي فات

حبيبتى يا سفينه

متشوّقه وسجينه

مخبر في كل عقده

عسكر في كل مينا

يمنعني لو اغير

عليكى

او اطير

اليكى

واستجير

بحضنك او انام

في حجرك الوسيع

وقلبك الربيع

اعود كما الرضيع

بحرقة الفطام

حبيبتي يا مدينه

متزوّقه و حزينه

في كل حاره حسره

وف كل قصر زينه

ممنوع من انّي اصبح

بحبك او ابات

ممنوع من المناقشة

ممنوع من السكات

وكل يوم ف حبك

تزيد الممنوعات

وكل يوم باحبك

اكتر

من اللي فات

1976




الاثنين، 4 يونيو 2007


زحف بعض السنتمترات بصعوبة . إنهال عليه الحصى من سقف النّفق محدثا رنينا على خوذته.

وجّه المصباح الكهربائي نحو فوهة الحفرة، سحب ما تكدّس من الحجارة أمام الحفرة، بانت صفائح الصّندوق

و مساميره. ناوله مساعده المنبطح خلفه فرشاة،أزال بها جزءا من الغبار المتراكم على الصندوق. ثمّ طلب من المعاون

تدعيم الجانب الايمن من النّفق بخشبات لمنع تساقط الحجر و الحصى. مدّ يده، و لامس بظاهرها صفائح الصندوق .

************************

منذ شهرين إستدعاه السيّد عبد المطيع بوعمود رئيس اللجنة الوطنية للتّراث لمقابلته بمكتبه الكائن بالطابق السابع

بمبنى الوزارة . أدخله الحاجب إلى قاعة فسيحة جلس في اٌخرها صاحب الخطّة. كان بدينا ، قصيرا، بالكاد تص ل

رجلاه إلى الارض. زيّنت حيطان القاعة بنسخ من التّماثيل الشّهيرة، الاٌلهةديان،إنتصار سموطراس،

مفكّر رودان، الإلهابّلونعَارٍ ، نصفُُ علويّ للامبراطور سبتيم سيفارو أعمال اٌخرى لم يتعرّف عليها.

في جزء من الحائط الخلفيّ صور و ميداليات من مؤتمرات و ندوات عالمية حول الادب السَنْسكرِيتِي. صاحب المكتب

أوّل عربيّ يتحصّل على الدكتوراه في هذا المجال و يعدّ كتابهإستعمال الفعل المضارع في ملحمة البهامراتا

أهمّ مرجع في الموضوع في جامعةإلفيدانلداشبالهند. صافحه مستقبله و دعاه إلى الجلوس.

- لن أطيل عليك... أنت على علم بالتأكيد أنّني عيّنت عضوا باللجنة المشرفة على تنظيم احتفالات الذكرى السادسة

و العشرين ...

لاحظ من موقع جلوسه، أنّ تمثالأبّلون، دون التّماثيل الأخرى، بقامته ، و عُريه، و حجم واحدة من خاصّياته الجسديّة ، يعطي للمكان هيئة قاعة متحف. بدا له الأمر غريبا و كاد أن يضحك .
-
في ضيعةالمسواراكتشف فريق أجنبيّ قبر مأمور القضاءديميتريوسمعتمد المحصول الحوليّ بمقاطعةأفريكا”...

تململ المتحدّث في كرسيّه،ثمّ غادر مكانه بعد مكابدة . لهث برهة و واصل :

- بجانب قبره استخرجت ناتئة رخاميّة بها نقائش تدلّ على وجود صندوق به صرّة...أريد هذا الصّندوق ...

أريد هذه الصّرة... قبل الذّكرى...خذ معك من تريد...و لا تهتمّ بالمصاريف... أريد سبقا اعلاميّا مدويا ...

***************************

ركّز دائرة ضّوء المصباح على إحدى صفائح الصندوق، و أعاد مسحها بالفرشاة، بدا له أنّها تحمل نقيشة .

طلب عدسة مكبّرة . تبيّن أنّ النّقيشة تبتدئ بالحرف الاتيني “B ”.

أحسّ بوجع في ركبتيه. لم يعد يتحمّل الزّحف في النّفق، و رائحة الرطوبة، والأتربة، و قلّة الحركة. نادى بصوت

عال :

- يا جماعة...تراجعوا من فضلكم حتّى مدخل السّرداب...و أشيروا على السّيد علي الغزيل بالدّخول للقيام بكشوف القيس و التّصوير.

ترجّل نحو الخيمة المنصوبة في مرتفع من أرض الحفريّات، قابلته سيّارة سوداء رباعيّة الدّفع رابضة. اندفع منه

فجأة رجلان، يحمل واحد منهما كميرا .

- سيّدي... هل لكم أن تخبروا مشاهدي قناةالممتازةعن سير الحفريات ؟

لم يجد ما يقوله. تسمّر في مكانه مندهشا . ترى من أعلمهم بتواجد فريق الباحثين في ضيعةالمسوار؟

- يقال أنّكم على وشك اكتشاف كنز ...

زاد وجهه تجهّما ، و صاح في وجههم :

- من سمح لكم بالدّخول إلى هذا المكان ؟...اخرجوا على الفور... يا عمّار...يا علي...

واصل مناداته لحرّاس الحضيرة دون جدوى. تراجع الزّوّار في الأثناء نحو سيّارتهم و غادروا المكان.

تذكّر بمرارة مكالمة هاتفيّة، كانت له بالأمس، مع زوجته. لامته مرّة أخرى على تسرّعه في قبول إدارة حضيرة

أبحاث “ ضيعة المسوار ”

-أنت تحلم...الدّنيا من حولك تتغيّر يوميّا...و الوقت يمرّ...ألم تستفزّك نزوات الدّكتور “ فعل المضارع ” هذا ؟

- ليس لي خيار يا “ لمياء” ... مستقبلي المهنيّ بين يديه... سأعود إلى أطروحتي حالما أنتهي من موضوع الحفرّيات

- لم أعد أصدّقك...تقول نفس الكلام في كلّ مرّة... البيت الذّي نسكنه ليس ملكنا... أمّا سيّارتك فعدم الحديث عنها أفضل...

- ماذا تريدينني أن أفعل...عدى التّاريخ الرّوماني لا أفقه شيئا... لست قادرا على بيع الفواكه الجّافة أو المتاجرة

في البضائع الصّينية المهرّبة.

****************************

تحلّق كلّ عمّال الحضيرة حول طاولة الإجتماع لسماع جدول توزيع المهام و التوصيّات اليومية :

- ...يبدو أنّ شخصا ما يسرّب أخبارا غريبة حول ما نقوم به.المرغوب منكم عدم التّحدّث عن الحضيرة حتّى مع

أقربائكم... كما أذكّركم أنّ تواجد الاشخاص غيرالعاملين معنا ممنوع في محيط الحفريّات. خرجوا في جلبة.

فتح درجا على يمينه وسحب منه ملفّا ، رنّ في الأثناء هاتفه الجوّال، بحث عنه تحت ركام من الأوراق . لبث برهة

يستمع إلى مخاطبه ثمّ قاطعه :

- ...الخبر... الخبر اليقين... الصّوت رديء... قلت ... رمضان الكانوني من صحيفة الخبر اليقين...

أمال رأسه إلى صدره و سكت. عاوده الشّكّ أنّ نفرا من طاقمه يخبر يوميّا الصّحفيين. تذكّر إلحاح من تسمّيه

زوجته، إزدراء، “الدكتور فعل المضارع” بوجوب التّكتّم التّام حول الحفريّات و نتائجها.

-... و من قال لكم انّنا اكتشفنا صندوقا يحتوي قطعا من النّقد الذّهبيّ ؟... كلّ هذا الكلام هراء...

قفل الهاتف واسترخى بقدر ما يمكنه الاسترخاء، أغمض عينيه، فتحهما بعد لحظات،هرش رأسه،فكّر في أن يقوم ليعدّ لنفسه فنجانا من القهوة. سمع ضجّة عند باب الخيمة، عاد إلى مجلسه، دخل مساعده حاملا “الصّندوق” محفوفا بفريق البحث، مستنفرين، عالية أصواتهم كجحافل محبّي كرة القدم يوم الأحد في شوارع المدينة.

اكتفى باشارة من يده، خرج اغلبهم، صامتين،خائبي الأمل، خاصّة بعد أن اقترح أحدهم منذ قليل أن يقع الاحتفال بهذا الاكتشاف العظيم. ناوله المساعد الصّندوق قائلا :

- استعملنا ورقا حكّاكا متوسّطا كما امرت و استعنّا بمخرز... انظر يبدو أنّها كلمة لاتينية...BONIS

- أظنّ أنّ طول الصّفيحة المعدّة للنّقش يفترض وجود كلمات أخرى... واصل الحكّ و حاذر... لا تضغط بقوّة.

واصل المساعد الحكّ و الخرز حتّى بانت احرف أخرى...OPERIBUS ... DICATA

- أظنّ أنّ النّقيشة لا تحتوي على كلمات آخرى...

تجمّعوا حول الصّندوق، ظلّوا متردّدين لعدّة دقائق. اقترحت إحدى الحاضرات، امرأة فارعة القامة هدلاء الشّفة :

- في رأيي، نستشير أستاذا في اللغة الاتينية.

- لا تطلبوا أحدا . يجب أن يبقى أمر هذا الصّندوق في ما بيننا. هذه تعليمات المسؤول الاوّل عن حفريّات ضيعة “المسوار”.

دخل عليهم فجأة أحد العاملين ممسكا لفافة من الصّحف اليوميّة . أخذتها منه المرأة الفارعة القامة و راحت تعدّد العناوين :

- “ الخبر اليقين” : إكتشاف كنز بضيعة المسوار ... طالعوا الصّفحة 14

- “ الحقائق الثّابتة” : ضيعة المسوار ... لماذا كلّ هذا التّكتّم ؟

- “ الرّقيب” : أسرار الاميرة بونيس . التّفاصيل الصفحة 3

*******************************

انتشر الخبر و فشا في المدن . صار حديث النّاس في المقاهي و المصانع و الادارات و ساحات المعاهد .قال بعضهم

إنّ فريقا من الباحثين الامركان حلّ منذ أسبوع بالبلاد بطلب من السّلطات العليا، و اعتبر فريق آخر أنّ الاكتشاف

ضُخّم أمره أكثر من اللازم. ردّد جمع سمى نفسه “ الهيئة الوطنية من أجل نصب تذكاريّ للاميرة بونيس” أنّه

سيردّ على كلّ المشكّكين بكلّ الوسائل. انفردت صحيفة “الخبر اليقين” بنشر صورة الدكتور عبد المطيع بوعمود

و هو يمسك بصندوق مصفّح بقطع نحاسيّة. في مساء نفس اليوم أقامت قناة “الممتازة” حوارا شاركت فيه ثلّة من

علماء الاثار و المثقّفين و الاعلاميين تحدّثوا باسهاب عن الصّندوق. و اعتبر أحد العلماء أنّ اكتشاف الصندوق هذا منعرج علميّ هام بالرغم من أنّه يسمع لأوّل مرّة اسم الاميرة “بونيس”.

و يقال، والعهدة على من روى، إنّ بعض الاباء سمّوا بناتهم بونيس و أنّ شركة لصنع صابون الغسّالات قامت

بترويج منتوج جديد ضدّ البقع المستعصية سمّته “بونيستاكس”. تساءل أعضاء فريق البحث عن مصدر الاشاعة

خاصّة و أنّهم يعرفون أنّ الاميرة المزعومة لا وجود لها. ثمّ تخاصموا مع الدكتور بوعمود.

أحسّ الدكتور بوعمود بخطورة الموقف، خاصّة بعد أن اُعْلمَ أنّ اللجنة الوطنية تفرّعت عنهاهياكل جهويّة ، خاف

عندئذ أن يفلت منه إكتشافه و سبقه الاعلاميّ. كان يتابع يوميّا ما تنشره الصّحافة عن الكنز و عن الاميرةبونيس.

و لم يقبل أن يفنّد كلّ ما كان يشاع كما نصحه بذلك مستشاروه.

*********************************

اكتضّت القاعة الكبرى بمن دعي إليها من كبار المفكّرين و العلماء و رجال الاعلام. بدت في صدر المجلس فوق المنصّة

الدكتورة حكيمة الفكرون المتخصّصة في المعمار النيو-بيزنطي،و هي في نقاش حادّ مع رئيس تحرير مجلّة “الفكر

المغاير” . من الجهة اليمنى انتصب البروفيسور “انبرتو كاتزو” استاذ الادب السنسكريتي بجامعة “ فِيّا بنديرا”

بمدينة باليرمو و بجانبه رئيس “اللجنة الوطنية من أجل نصب تذكاريّ للاميرةبونيس”الحاج يوسف مفتاح . زيّنت

المنصّة بصور لحضيرة حفريّات “ضيعة المسوار” كما نصّبت شاشة كبيرة.

تجمهرت كوكبة من المصوّرين و من تقنييّ التلفزيون والصّحافيين أمام طاولة وضع عليها الصندوق . تزاحموا،

هاجوا ماجوا، تلاكموا بالمرفق،سقطت بعض النظّارات و القبّعات ثمّ تجمّدوا فجأة عندما تسمّر الدّكتور بوعمود أمام

المصدح :

- سيّداتي سادتي. مرحبا بالحضور الكريم و أخصّ بالذكر منهم السّادة الضّيوف المبجّلين القادمين من البلدان

الشّقيقة و الصّديقة... أودّ أن أسدي شكري الخاص لمنظّمي هذا الحفل على حرفيّتهم في تنسيق فعليات هذا اليوم

المشهود...و أظنّ أنّ ذلك ليس بغريب عن بلد له شهرة وباع كبيران في إقامة التظاهرات. أشكر مسؤولي قناة

“الممتازة”على بثّهم المباشر لهذا الحفل البهيج...و اليوم و بعد عناء كبير و مكابدة شديدة و مجهودات تذكر فتشكر

...و بطلب من الجمهور و بعد الحاحه... قرّرنا...

أسدل الدكتور “كاتزو” أجفانه و أخذته غفوة من النّعاس. واصل الدكتور بوعمود خطابه :

- ...قرّرنا فتح الصّندوق بحضوركم و أمام ملايين المشاهدين...

ركّز رأس المنحتة عند فتحة في اعلىالصندوق. ضرب بالمطرقة. انفتح الصّندوق.اشتعلت أضواء عشرات آلات

التصوير. ظهرت على الشاشة الصرّة، بيضاء . فتحها الدكتور...و عندها...ضجّت القاعة ضحكا.

سالم بن يحيى ديسمبر 2006