غار الملح
تلمّست لفافة الأوراق النقدية المدسوسة في الجيب الداخلي من سترتي ثم رجعت أورّق صحيفة كنت أقتنيها في مدخل المحطة.
كانت الحرارة لا تطاق .لم أتمكن من التركيز على شيء أقرأه.التهمت الحافلة الإسفلت. جل التلال المحاذية للطريق مصفرّة وقد تراكمت، في صفوف متوازية، بالات التبن. في منخفض تلة، سطور لا تنتهي تجري حتى الأفق. تبدو حقلا من الطماطم ، طابور من النسوة ، شمس ينفجر ضوئها في الفضاء، تبهت الألوان ، تلغي الأحجام، تغشي البصر وتنهك الحواس. واصلت الحافلة انعطافها نحو اليمين حتى لامست حقل الطماطم. وجوه ذاهلة، سوّدها لفح حارق. ظهور منحنية تتحسّس مجاري السطور. تقتلع الطفيليات في حركة ميكانيكية.
تعددت الصورة ثم غابت. نساء بلا أعمار، يكرّرن منذ الأزل نفس الحركات بلا كلل بلا ملل.
تهدي كل واحدة منهن أيامها و عرقها و جمالها و أحلامها لكي تزهر الأرض للغير.
على حافة الطريق شرائط متواصلة من الحمحم تلصف نجيماتها الزرقاء وسط اصفرار التربة و من ورائها صفوف الخيميّات من الكزبر و الشبت الجالي رافعه هالاتها نحو السماء .
جل الركّاب في شبه نعاس. دب الملل في الأجسام المتراخية زادني ارتجاج الحافلة إحساسا بالضيق.
أخرجت حافظة أوراقي. قابلتني صورتها. الساعة المعلقة يمين السائق تشير إلى الثالثة و الربع بعد الزوال. لا شكّ أنّها الآن بصدد إكمال القطع الأخيرة من حصّتها اليومية. روضة تشتغل في مصنع على ملك ألماني منذ خمس سنوات.
ترافقنا بالأمس عند خروجها من مصنع "هينر" حتى آخر المدينة. خيم الصمت بيننا طول الطريق. عند صفصافة جلسنا هائمي النظر لا ندري ما نقول.
لامست يدها بشرتها ناعمة عسلية أصابع رقيقة لا تنتهي
-هل أنت مصرّ على قرارك.
كم تمنيت في تلك اللحظة أن تنهمر دموعها. أن تقبلني و تعيد. أن نتواعد الصبر و اللقاء و الإخلاص. أعادت سؤالها:
- هل أنت مصرّ على قرارك.
واصلت يدي ربش الأرض محدثة أشكالا دائرية نهضت روضة فجأة و ظلت واقفة قبالتي. رفعت رأسي لم أتعود على رؤية نهديها من الأسفل. نصفي دائرة متكاملة شامخة. تظهر بياضها من فجوة في صدارها. أدرت نظري نحو اليسار . في الأفق قطيع غنم يتموّج ... جرّار يسحب من وراءه غيمة من الغبار. أحسست بضيق يسحقني. صارت روضة حاجزا آخرا بيني وبين البحر.
- تكلم ... هل أنت مصرّ ...
كدت أصرخ من الوجع ... اكتفيت بالوقوف مشيت ولم ألتفت.
انقطع آخر خيط كان يشدّني إلى هذا المكان. لم يعد يهمّني كل ما حولي.
انفجرت ألوان السماء بين حمرة واصفرار. زادتني رطوبة آخر العشية ضيقا.
واصلت سيري حتى وسط المدينة، حيث مقهى " المستقبل " . شباب وكهول متحلقين يلعبون الورق منذ ساعات. لم يعد الزمن يعني بالنسبة إليهم شيئا .
مقهى " المستقبل " كائن في أسفل عمارة صغيرة يشغل ركنها الأيمن فرع بنك بجانبه دكان لبيع الأكلات الخفيفة ومقر حزبي. كانت تلك العمارة تمثل حلم كل شباب المدينة بالرغم من حداثة بناءها، الذي لم يمض عليه أكثر من عشر سنوات، وتثير حسدهم. كان شيخ المدينة عبد المطيع العوادي يقول أن تلك البناية عنوان ساطع لما يجب أن يتحلّى به الشباب من روح المبادرة والتعويل على النفس...
طويت حافظة الوثائق، تلمّست لفافة الأوراق النقدية ثانية، خفّفت الحافلة من سرعتها حتى توقّفت، قابلتني شارة مدخل بلدة " سيدي معاوية" وقد حاذتها، على جانب الطريق، سيارة شرطة. شاح ريقي وعاودني الإحساس بالضيق. انفتحت أبواب الحافلة وصعد شرطيّان واحد من الخلف وواحد من الأمام. تقدّما بتأن متصفّحين وجوه الركاب. انغرست أصابعي في جلد المقعد. أغمضت عيني حالما بالبحر.
- بطاقة تعريف ...
- ليست معي ...
- خذ أدباشك ... وانزل ...
تمتم الشاب كلاما غير مفهوم. وقف، مدّ يده سحب كيسا من حاملة الأمتعة.
- افتح الكيس ...
- لا شيء فيه ... أدوات بناء ... جنزير، ملعقة، ميزان ماء ...
دفعه الشرطي نحو باب النزول. كان على مقربة مني. لوح العون بذراعيه وكاد يلمس بمرفقه سيدة كانت بجانبي. وصل زميله حذوه، زاد ارتياعي. لم أعد أتذكر من منهم طالبني بالاستظهار ببطاقة الشخصية. كادت حافظة الأوراق تسقط بين يدي.
- إلى أنت ذاهب... أين تشتغل ... أعزب أم متزوج ...
فجأة أحسست براحة تعتريني وهدأ روعي. الآن أوصدت كل الأبواب خلفي. لم تثني أمي عن لقائي مع البحر ولا روضة ولا ضياع المرتب المخزي الذي كنت أتقاضاه من مشغّلي صاحب شركة المناولة.
- أنا قاصد مدينة المروج.
- هل لك بها أقرباء ...
- نعم خالي ... السيد المنجي الخبثاني... مقاول وتاجر بسوق سيدي بو منديل.
ناولني بطاقتي وراح يواصل مراقبة شابين كانا يحتلاّن مقاعد في آخر الحافلة. تناسيت كل ما حولي ورحت أساءل نفسي من أين جاءتني جرأة مخاطبة أعوان الشرطة بتلك الطريقة. كنت في السابق أخاف حتى من حارس المعهد. أخاف من أبي عند رجوعه من حانة "النفطي". يخرج تلاميذ البلدة مردّدين " تقرأ وإلا ما تقراش المستقبل ما ثماش " يلتحمون مع الشرطة يرمونها بالحجارة فأكتفي بالجري في مؤخرة الموكب وألوذ بالفرار عند أول خطر.
مقاول وتاجر بسوق سيدي بو منديل... ترى أين يقع هذا السوق ... أعجبتني فكرة أن يكون لي خال تاجر. عاودت الحافلة سيرها. واصلت رحلة أحلامي. لم تكن للبحر في ذاتي إلا بعض الشظايا، بائع حوت السردين يجوب أزقة حينا، صور في التلفاز وصوت مغنّ. لعل المنجي الخبثاني تاجر أسماك في ميناء قلبية أو المهدية، مدّور، مكوّر، آكل لحوم بشرية والذي تكره زوجته رائحة السمك، ينهال عليها كل ليلة ضربا ويأخذها عنوة.
ارتجفت عيني ... رمل خفيف لمّاع بدأ يغشي بصري ... نفق طويل ... طويل ...
- يا نائم ... أفق ... نحن في محطة باب عليوة
نزلت وسط ساحة المحطة. أضواء كاشفة صفراء طمست الألوان وشحبت الوجوه.
أشباح معدنية تسرع الخطى وسط روائح من الزيت المقلي منبعثة من دكاكين بيع الأكلات الخفيفة وغازات مخنقة كوّنت ضبابا يخيم فوق الرؤوس.
عند باب المحطة الرئيسي كشك كتب كان صاحبه يتهيأ لإغلاقه. زادتني عناوين الكتب إسرارا على مغادرة المكان. " عذاب القبر" ، " وسوسة الشيطان" ، " عتبات جهنم".
على الرصيف المحاذي وقفت برهة أتأمل طوابير السيارات وحشود الخلق القادمين من الجسر الموجود على يساري. البعض منهم متجه نحو محطات حافلات الضواحي والبعض الآخر نحو محطة المترو. يقفون صامتين وسط أزيز حركة المرور، بلا حركة، جامدين، تائهين لاتفصلهم عن موتى المقبرة المقابلة إلا بضعة أمتار.
أفقت صباحا وسط حديقة عمومية مقرفصا بين أكوام من الأتربة وبراميل فارغة. نواقيس ومطارق تدوي في رأسي. كل ما أذكره هو أني توقفت أمام حانة... ومضات سريعة ... ضحك ... صراخ ... شجار ... أحلام تبدّد وأخرى تبنى ... صديق مِِؤقت يروي لك في ساعتين رحلة حياة ... تفتح له صناديق أسرارك وتمضي. اغتسلت في نافورة الحديقة وتوجهت نحو ساحة القلالين.
أوصاني فوزي "الحنش" أن أحضر عند منتصف النهار في مفترق بين بلدتي "رأس الجبل" و "غار الملح" أوّل خميس لشهر سبتمبر و أعلمني أنّه سيكون حاضرا عند وصولي.
"سبّالة بن عمّار", "زهانة", "قرناطة", كيلومترات من الأرض المنبسطة...صفراء, غبراء
قطعان مواش ترعى ما تبقّى من سيقان مزارع القمح و الشّعير. مكان قفر, لا طائر يطير و لا آدمي يسير , و كأنّ أهل هذا البرّ سافروا منذ مدة طويلة, و أبحروا نحو شواطئ حرّم فيها
الإذلال, لا بيعة فيها ولا استرقاق.
"الزوارين", "عوسجة"... في مدخل البلدة حائط منزل غطّته خمائل أرجوانة تفتحت أبواقها حمراء, بنفسجيّة, و مدّت أعناقها نحو الشّمس.
أنزلني سائق سيّارة الأجرة في المفترق. تلال منخفضة مكسوّة بأشجار التّين و التّفّاح,مسالك فلاحية تجري متسلّقة أعلى تلّة تحذوها غراسات عنب...سطور من السرو و الحور الدّاكنة الخضرة ترسل هاماتها نحو الأثير.
ألقيت جرابي أرضا و أختبأت وراء شجيرة دفلة تشرف على المفترق.
فوزي "الحنش" في العقد الثالث من عمره.يكبرني بخمس سنوات. عرفته زمن الحّاجة ...
أيّام الفاقة. أيّام كان يجالسني لاحتساء بعض الرّشفات من قهوتي ثم يطلب مني مدّه بسيجارة أو بعض النّقود.
هو الأن صاحب عمارة و مقهى "المستقبل" و عضو في الهيئة المديرة لفريق كرة القدم. صارع البحر و غنم. ما زال كسبه أحلام أشقياء العالم, يذهب جافل و يأتي غافل.مهنته تجهيز قوارب أنهكتها السّنون و ملح البحر...و شحنها بالبائسين مثلي... أحيانا نحو الأمل... و غالبا نحو الموت.
اليوم أخلع نير الطّاعة و لا يهمّني أن يكون "الحنش" ملاك الأمل و مفتاح البحر أو ...قاتلا
مستأجرا.
لم أشعر بالوقت يمرّ حتّى سمعت دويّ شاحنة صغيرة تتوقّف عند المفترق...أطلّ رأس "الحنش"...و ثبت من مكاني و كدت أنسى جرابتي... انفتح باب القمرة و صعدت. تعثّرت في الظلام...انتشلتني الأيدي...أخيلة جالسة...تهتزّ من حين إلى آخر...قمرة معدنية مشتعلة...نور النهار يتسّلل من أسفل أرضيتها...رائحة مازوط...كنت لا أرى إلا بقعة بيضاء...بدأت عيناي تتكيّفان مع الظلمة و صرت أميّز ما كان حولي.أطياف مقرفصة بين نور و ظلمة...أغلبها عاري الصّدر من شدّة الحرّ و ضيق المكان. بشر حشر كالدّواب عند نقلها نحو المسلخ.
ارتجّت الشّاحنة و عاودت... علا غطيط محرّكها...أنّت في المنعرجات...قرقع الحصى المتناثر من تحتها...أحسست برغبة في التّقيؤ...ارتطم رأس الجالس حذوي بأذني...كهل في الخمسين...شاحب الوجه...لحية ثلاثة أيّام...وجنتان ناتئتان...عيون منغرسة في فلقتيها...ترى هل هو متزوّج و له أطفال...
فجأة توقّفت الشّاحنة بعنف, دوّى منبهها.صفق بابها.
-أسرع...أفتح...
بهرني الضوء الخارجيّ, ساحة مزرعة, فسيحة...برامل مازوط...جرّار أكله الصّدأ...على اليمين بناية قديمة بلا شبابيك ,باب خشبيّ بمصراعين. كنّا قرابة العشرة أنفار, توجه بنا "الحنش" نحو البناية.دخلناها,
كانت زريبة, خنقتني رائحة بول حيوانات و تبن جاف, حيطان الزّريبة مغطّاة بأقراص الجلّة.
في الجهة اليسرى,حشد من البشر,البعض جالس أرضا و البعض الأخر مضطجع. لاحظت من أوّل وهلة تواجد واحد منهم جالسا في كرسيّ إعاقة. في الزّاوية المقابلة ثلاثة صناديق كرطون معبأة بقوارير الحليب و الخبز. رميت جرا بتي أرضا و جلست أتفحّص الوجوه, مفترضا لكلّ واحد, الأسباب التي أتت به إلى هذا المكان... ما الذي دفع بالفتاتين الجالستين قبالتي... و المعاق... و رجل الخمسين الذي كان حذوي في الشّاحنة...هل كلّهم فارّون مثلي...من البطالة و الفقر و سلطة الأب و عنف البوليس و سطوة الزّوج و قحط الأحاسيس و سلطة أصحاب السّيارات الرّباعيّة الدّفع.
عل يحلمون مثلي بعمارة أكبر من عمارة فوزي"الحنش"...أما حدّثهم أحد عن قوانين الجنّة الموعودة, و ساعات العمل في حقول الطّماطم و الفرولة في صقلّية. اعتراني إحساس بالتّفوق لأنّي أعرف كلّ هذا. أعرف أنّني سأقتلع خبزي من الحائط في ايطاليا, سأسرقه إذا اقتضى الأمر. لن يخيفني حتّى بيع "الزّطلة". ارتفع صوت غليظ فيه لكنة سكّن الأحياء المحيطة بالعاصمة :
- أهذا معقول يا فوزي... نكاد نناهز السّبعين نفرا...
- لا تخف ... لقد جهّزت قاربين...كونوا على أهبة حوالي العاشرة ليلا... و لا مكان للأدباش.
وجم الجميع و راح كلّ واحد منهم يتصفّح كتاب حياته و طوايا مخيّلته علّه يسمع صوتا أو يرى وجها يعرفه...يناديه الصّوت, يحفزه الوجه للرجوع إلى الخلف, كنّا كلّنا نعلم أنّ دخول البحر غرق و الخروج منه مولد. فتح الشّاب القريب منّي حقيبة سفره و أخرج ألبوم صور...
- هذه صورة لي في المعهد... هنا يوم العيد...أخي مراد...أختي مريم..."حلق الواد" ثكنة "سوق الأحد",,,هذه أمام دكّان خالي "الطّاهر" ,لبيع الدّواجن, أشتغل لديه في الصّيف. سأفرغ كل الألبوم و أحمل الصّور معي.
جهّزنا أنفسنا و طلبنا من "الحنش" أن يرجع ما تبقّى من أدباشنا إلى عائلاتنا فقبل. عند حدود العاشرة إلا ربع دخل "الحنش" و صاح :
- سنمشي وسط الحقول مسافة نصف كيلومتر, و عندها نكون قبالة البحر, يسلّمني كلّ واحد منكم المبلغ و يتوجّه نحو القارب, و عند الامتطاء يستوجب السّكوت
اقترب منّي "الحنش" هامسا :
- نحن أبناء بلدة واحدة... خذ جرابك معك و إن سألوك قل أنّها على ملك الرايس...لأنّي سألقي بكلّ الأدباش في البحر.
تسللّنا الواحد تلو الأخر في قاربين. لم نسمع ليلتها إلا صوت ارتداد الأمواج على الشاطئ .
انزلق القارب مثقّلا باثنين و ثلاثين رقبة, تكدّسنا, بعضنا فوق بعض. لم يكن يفصل حافة المركبة عن الماء إلا نصف متر و قد تدلّت أرجل العديد منّا في البحر. سار المركب متثاقلا وسط هدير محرّكه و طبطبة الأمواج على جانبيه. لم يعد يسمع من أصواتنا شيء. بدأ الرّجل البدين الملتصق بقمرة القيادة ترديد كلمة "يا لطيف", منذ انطلاقنا و بدا كشبح يتموج يمنة و شمالا.
كانت الرّيح تنفخ في عكس اتّجاه سير المركبة, دافعة بدخان المحرّك نحونا. سعلت مرّات عديدة و أحسست بالتعب.التويت في كلّ الاتجاهات علّني أخفّف من آلام رجلي اليمنى و لكن دون جدوى.
مرّت تسع ساعات مللت فيها البحر و العباد و المازوط و التّقيؤ و رائحة ثيابي و بكيت. صاح شاب من مقدّمة المركب :
- ضوء يا رايس...ضوء... "لمبدوزه" يا رايس... فعلناها يا رايس...حتّى خافرات السّواحل الايطالية تخطّيناها...
- أخرس...إنهم يلتقطون الأصوات القادمة من البحر بالرادار...
التوت الأعناق نحو الأمام. كانت تلك الأضواء, تختفي عن الأنظار, ثمّ تعود حسب نسق صعود
و نزول المركبة في الماء. تصاعد نبضي مع اقترابنا من شاطئ البحر و كدت أرتمي في الماء. خفّف الرايس من سرعة المركبة طالبا منّا النزول بهدوء و عدم إحداث الضّجيج.
تسارعت خطاي. ابتعدت أقصى ما يمكن من باقي المجموعة خوفا من الأعين و من أيّ طارئة. توقّفت برهة تحت شجيرة أتحسّس المكان .أنا الآن في أرض أجنبيّة يستوجب فيها الحذر في كلّ دقيقة. لم أعد أتذكّر الآن كم بقيت تحت تلك الشّجيّرة حتّى مطلع الفجر. عندها تقدّمت نحو الطّريق... بانت لي بناية بيضاء...سرت صوبها... لمحت شارتي طريق...توجّت نحوها... و زعقت...
كتب على الشّارتين " غار الملح 6 كلم" , "تونس 55 كلم"