الخميس، 10 مايو 2007


سمعت أزيز محرّك السيارة يقترب... فتّشت في الظلمة عن مفتاح المصباح... تعثّرت يدها في العتمة،ارتطمت بشيء..سمع صوت إناء بلّوريّ يسقط.

تمكّنت أخيرا من إشعال النور،اندفعت نحو نافذة الغرفة...توقّفت مهلة ثمّ جرت نحو الرّواق ... واصلت في إتجاه غرفة الجلوس وانتصبت وراء السّتائر ، تنظر نحو الشّارع.

كانت متلفلفة في مئزر بال بهتت ألوانه، وجهها بارز التّقاطيع، لامس خدّها البلّور لسعها برده.

عند الرّصيف المقابل توقّفت سيّارة تحت ضوء العمود الكهربائيّ، نزل السّائق و مرافقته...فتح باب الحديقة و غاب. كان الضباب يلفّ مصابيح الشّارع ويزيد المكان وحشة. واصلت مراقبتها للمنزل المقابل...اشتعل ضوء في الطابق العلويّ. سمعت صوتا يناديها من اٌخر المنزل :

- يا فضيلة... هيّا نامي كفّي عن التّلصّص على النّاس...

أرهفت السّمع و واصلت مراقبتها... مرّ ربع ساعة رأت فيها الرّجل يقفل شبابيك نافذة على يمين المنزل. ثمّ انطفأت كلّ الانوار.

رجعت إلى غرفتها ، قابلتها شقفات البلّور المتناثرة حذو الفراش، جمّعتها برجلها قرب الحائط... خلعت مئزرها وارتمت في الفراش.

أخرج زوجها رأسه من تحت الغطاء، اتّكأ على الوسادة ولوّح بيده اليسرى في إستياء :

- أنا متأكّد يا إمرأة أنّ هذا الرّجل لم يفته أنّك تراقبينه ليلا نهارا... كفّي عن ذلك... ستكون الكارثة يوم يطرق بابنا و يسمعك ما لا يرضيك.

حدّقت فضيلة في زوجها و رسمت على شفتيها بسمة غامضة :

- أمر هذا الرّجل غريب... تصوّر يا “ سي الطّيب ” أنّه في يوم الاثنين الفارط و على الساعة الثانية و خمس دقائق صباحا رجع إلى المنرل و معه أربعة رجال لم أرهم من قبل.

تمطّى “ سي الطّيب ” في الفراش واقترب منها، أخفى رأسه تحت الغطاء مدّ رجله اليمنى نحوها، ظاهرته و أفسدت مشاريعه.

إنتصبت كالفزّاعة في شرفة الطّابق العلويّ تكنس للمرّة العاشرة نفس الرّكن. الموقع لا مثيل له لمراقبة ما يدور بالحيّ...على يمين منزلها جار تكرهه لانه زرع صفصافتين كبرتا إلى حدّ أنّها أصبحتا حائطا نباتيّا يحجب عنها الرّؤية.

كانت تمقته لكونه لم يستدعها لحفل ختان ابنه الاصغر. سرّبت في الحيّ أنّ التّجارة الّتي كان يدّعي ممارستها هي في الحقيقة إدارة خمّارة “ بار النّفطي” بحيّ “ الباساج ”.

قبالة منزلها ،جارها الجديد الذي سكن منذ ثلاثة أشهر. اكترى المنرل و دخله بين ليلة و ضحاها دون أن يتفطّن إلى ذلك أحد...رجل غامض التّصرّفات... طويل القامة، له شامة سوداء تحت خدّه الايمن،شفاهه غليظة.

جابت فضيلة كامل الحيّ و قالت لكلّ من كان يريد الاستماع إليها :

- لا يكلّم أحدا... و لا يسلّم...

واصلت الكنس و نظرها يتفقّد الانهج المحاذية، مرّ شاب بدين في الخامسة عشرة من عمره ،رفع رأسه نحوها... ارتفع صوته :

- أمّي سيسي...

سكت برهة و واصل :

- لقات فليّس...

جرى... علا ضحكه... لاحقته من الفوق بالشّتم.

- ياٌبن العاهرة...يا لقيط...لا تخف... ستلحق بأخيك بائع الزّطلة في السّجن...

رمت المكنسة من أعلى الشّرفة نحو الحديقة ... فتحت الباب و دخلت،واصلت مشيتها المرتجّة حتّى غرفة الجلوس . وجدت زوجها جالسا على الاريكة قبالة التلفاز، لفت إنتباهها اضطرابه.

- ماذا تفعل هنا... التلفاز مغلق...

تلعثم كمن قبض عليه في حالة تلبّس :

- لا ... لا شيء...

توقّفت حذو خزانة ملاصقة للاريكة ثمّ رجعت أدراجها و عيونها تبحث عن شيء ما.

- سمعتك تشتمين “ عصام ” ابن “ شريفة ”... أمرنا أصبح لا يطاق... لم يعد أحد يلقي السّلام عليّ في الحيّ... كل الجيران يكرهوننا...البعض يسمّونك “ اواكس ” و البعض الاخر “ فضيلة مكنسة ”.

حملقت فيه لثانيتين و قالت :

- أنا ذاهبة لساعتين عند أختي... ابنها تخاصم مع زوجته... لا تنس شراء الخبز.

خرجت، جرجرت رجليها ذهابا و إيابا في المنزل لمدّة ثمّ سكن البيت.

أحكم “ سي الطّيب ” غلق باب غرفة الجلوس. رفع حاشية الاريكة... قابله الكرّاس بغلافه الاسود... لم يكن في يوم ما يتوقّع أن يستبدّ أمر الجار الجديد بزوجته إلى حدّ اقتنائها كرّاسا تدوّن فيه كلّ ملاحظاتها حول تحرّكاته. يعرف جيّدا أنّها ملمّة بكلّ دقائق الاحداث في الحيّ... ألم تقل له بالامس أنّ “ لمياء ” زوجة سائق التاكسي لم تجامع زوجها منذ أكثر من شهر... و أنّ “ المنصف ” بقّال الحيّ خسر قضية استئنافية في استرجاع أرض.

فتح الكرّاس...

الثلاثاء16أوت2005 الساعة الثّالثة صباحا:

خرج بمفرده.لباسه أسود... يحمل جرابا يبدو ثقيلا...رجع إلى المنزل في الرّابعة بعد

الزوال... نزل إلى الحديقة حوالي السادسة مساء حيث حفر خندقا عريضا ملاصقا

لحائط المنزل.

الخميس18أوت2005 السّاعة الثّامنة صباحا :

سيّارة من نوع “كليو ” رقمها13633تونس88 تتوقف أمام المنرل ...

يخرج و يمتطيها... يرجع ليلا في العاشرة و الرّبع في سيّارة سوداء.

ورّق الكرّاس، تقارير مفصّلة حول أوقات الدّخول و الخروج... أرقام سيّارات و أوصاف الاشخاص

الغادين و القادمين...

الثّلاثاء18أكتوبر2005 السّابعة صباحا :

خرج في عجلة.ذقنه غير محلوق... رجع ليلا في الحادية عشرة.

الاربعاء19، الخميس20 ، الجمعة21 : لم يظهر و كأنّه على سفر.

السّبت22 أكتوبر2005 التّاسعة ليلا :

شاحنة من نوع “ ايسوزو ” رقم11831 تونس 91 . نرل منها رجلان طويلا القامة. غادر الجمع المنزل في الواحدة صباحا.

تتالت الصّفحات. أربعة و ثلاثون. إلى اٌخر ما دوّن :

الخميس17 نوفمبر 2005 :

دخل المنزل في السّادسة صباحا. يبدو متعبا. يحمل نفس الجراب و صندوقين من الكرتون.

طوى “ سي الطّيب ” الكرّاس و أرجعه مكانه. شغّل التلفاز، فإذا هو ملفّ حول زراعة السكّوم في

المناطق الجافة ،تحوّل من قناة إلى اٌخرى حتى استقرّ على مقابلة في كرة القدم.

أفاق على صراخ زوجته :

- شغّل التلفاز و نم... ثمّ ولول و سخّط عند تسلّم فاتورة الكهرباء.

أكمل “ سي الطّيب ” حلق ذقنه. دخل المطبخ و خاطبها :

- أتريدين الذّهاب معي اليوم إلى “ واد العرعار ” ؟

أومأت بما معناه الرّفض و أضافت :

- أنا اليوم ذاهبة إلى مركز الشّرطة للابلاغ عن صاحب الشّامة السوداء. هذا الرّجل عضو في

عصابة إرهابية أو أحد مسؤولي المافيا أو مهرّب مخدّرات كبير أو في أضعف الحالات مناوء.

تركها و خرج. أكملت فطورها. إستحمّت، جفّفت شعرها رصّفته، لبست، تعطّرت و لم تنس بين

الفينة و الاخرى أن تقف في الشرفة لتطلّ على الشّارع.

وصلت إلى المركز. تفحّصها العون من الاعلى إلى الاسفل .طلبت منه مقابلة رئيس المركز. دعاها

إلى الجلوس، و رجاها أن تنتظر قليلا. سمعت أصواتا غريبة تأتي من الطّابق السّفليّ. ثمّ تسمّر

العون أمامها قائلا :

- هيّا... “ سي منصور ” في انتظارك...

أخرجت كرّاسها من حقيبة يدها و تبعته. فتح باب قاعة في اٌخر الرّواق ... في صدارة القاعة...

مكتب فسيح جلس وراءه الرّجل الطويل القامة، صاحب الشّامة السّوداء.

سالم بن يحيى

ديسمبر 2005



تعليق غير معرف

slt salem

j'ai aime cette nouvelle en as tu d'autres



تعليق غير معرف

wow c maarran ce que tu as ecris

tu a deja publie?



تعليق غير معرف

ياسر original

الفكرة تحفونة



تعليق Big Trap Boy

نص جميل جدا

فضيلة أواكس باش تبات تبحث

C'est un peu l'arroseur arrosé

:)


Bonne continuation pour ce blog, j'ai déja mis le lien sur ma liste ;)



تعليق غير معرف

اكتشفت هذه المذونة عن طريق روابط "تراب بوي"
النصّ جيد واصل



تعليق غير معرف

awax!!! j'en ai une ds mon quartier
super la nouvele les personage sont bien decrits.



تعليق غير معرف

Salut Slm,vers un monde meilleur.



تعليق غير معرف

c une histoire de notre vie quotidienne et ca lui donne son charme ..on attend de vous lire d autres kissas ..



تعليق غير معرف

Salut,
il n'y pas longtemps je relisais sahirt minhou layaly de dou3aji, j'ai trouvé une ressemblance dans le style et j'ai bien aimé.
bonne continuation



تعليق Unknown

:o)
çà existe en vrai?
De toute façon, la description est tellement bien faite, que je me suis bien impliquée dedans, d(où ma suprise à la fin :o)



تعليق mariouma_b

zéyed maak ya slouma
tout le monde a l'air d'apprécier
bonne continuation
replonge dans les affres de l'inspration et vas à la recherche de ta muse pour nous enchanter encore une fois
aciao



تعليق غير معرف

ahla ammi salem ana wajih sahhalik andek site bay