الاثنين، 21 ديسمبر 2009


عرضت فرقة المسرح العضوي بفضاء "الحمراء" المسرحي بتونس يوم السبت 19 ديسمبر 2009 عملها الجديد "آخر ساعة" « the end »

يعلم الموت بطلة المسرحية "نجمة" أنه قادم بعد ساعة. لم يبق لها إلا ستون دقيقة..... تصبح"نجمة" في حالة هذيان... تسترجع ماضيها بشخوصه : أبوها المتوفى، حبيبها الذي غادرها بعد مرض عضال... وتجهّز نفسها للحظة الوداع و تسترجع آلامها و كلّ معارك حياتها و لا تهدأ ثانية واحدة عن المطالبة بأن يستمرّ بقائها في الدنيا لأنها لم تكمل بعد ما هي عازمة القيام به . هذه هي الفكرة العامة لمسرحيّة "آخر ساعة". فلنقل آخر ساعة و نصف،طول المسرحيّة، أتحفنا فيه الثنائي عزّالدين قنّون المخرج و ليلى طوبال كاتبة المسرحيّة بأحد أجمل النصوص المسرحية التي كتبت خلال العشرين سنة الماضية.

قسّم المخرج الفضاء إلى قسمين. جزء أمامي يؤثثه كرسي هزّاز[ rocking-chair] فقط، يعيش فيه الأحياء: "نجمة" و خادمتها "داده" و "علي" أخ استبناه أبوها قبل وفاته. و جزء خلفي متكون من مسطبة بها حفرتان تخرج منها الشخوص الميّتة : الأب و عشيق "نجمة". كانت الإنارة ديناميكية حيث ساهمت في السرد ،حيث أضاء ثم أظلم عز الدين قنون أماكن من الركح حتّى عندما لا يكون فيها ممثّل و كأنه يسطّر تحت الكلمات التي تنطقها الشخوص. كلّ الشحنة الحسيّة مرّرت للمتفرّجين من خلال أجساد الممثلين. "دادة" التي تقاذفتها السنون تمشي كالعرائس في الباليات الروسيّة و "نجمة" تتلوى وجعا تارة وتفتح أجنحتها أملا تارة أخرى و عشيقها الميت يزحف أرضا و يتسلق الحائط كالورل، كأنّه "سمياقول" شخصية "سيد الخواتم". بعد "قمرة طاح" و "نواصي" و "رهائن" تكتمل تجربة عز الدين قنون و تنضج في مسرحيّة "آخر ساعة" و يصبح استعمال جسد الممثل أداة في السرد (كما في مسرحية "خمسون" للفاضل الجعايبي) و لا تمرغ على الأرض كما يظن البعض.

لم يكن للمخرج أن يفعل ذلك لولا نص الكاتبة/الممثلة ليلى طوبال التي تمكّنت في لغة مرنة،سلسة،شجيّة(عندما تخاطب أباها) ساخرة(الانتخابات) متأسفة/كاذبة(مخاطبة عشيقها) ثائرة(غزّة) مستهزئة(عندما تتكلم على لسان "دادة" عن الحصّة التلفزية "المسامح كريم" فاهتزّ المسرح ضحكا لمدّة دقيقتين). و بالرغم من احترازي على إدماجها العديد من الجمل باللغة الفرنسية في هذا النص(ستجيبني الصديقة ليلى طوبال بالمثل التونسي "الجمل ما يراش حذبتو") أعتبر نصّ هذه المسرحيّة من أحسن النصوص المكتوبة للمسرح خلال العشرين سنة التي مضت ، حيث تحدّثت بدون إسقاطات أو تكلّف عن الشباب و الانتخابات المفبركة و الموت عند البرجوازيين الجدد و غزّة و فضاعات سنة 2008 و التلوّث التلفزي و العلاقات بين المرأة و الرجل. نص ليلى طوبال نشيد للحياة و منطلق للتساؤل حول العديد من المواضيع التي تهمنا و ليس محاسبة أو عملا تقييميّا لحياة ما(مثلما الحال في رواية "اليوم الأخير" لميخائيل نعيمة). و عندما نضيف إلى ذلك الجودة والإحترافية العالية للممثلين و الشريط الصوتي الذي أنتجته علياء السلامي يكون العمل جيدا يؤسس لمسرح عالي القيمة كما يعرّفه المخرج الفرنسي antoine vitez : " نحن بحاجة إلى مسرح نخبويّ...للكلّ . "

سارعوا بمشاهدة هذا العمل...العروض القادمة أيّام 25 و 26 و27 ديسمبر.



تعليق WALLADA

شكرا على تحليل العمل و على الإعلام بمواعيد العروض المقبلة



تعليق bacchus

فكرة المسرحية طريفة رغم أنّها وظّفت في أجناس أدبية منها المسرح ومنها الرواية (اليوم الأخير لميخائيل نعيمة مثلا...) والمهمّ ليس في الحجة التي يبنى النصّ عليها المهمّ هو النصّ ذاته ومسرحته خاصة وهذا مقبول ولكن ما لا أفهمه حتّى الآن هو أنّ هذه المسرحية كغيرها لماذا تحاول أن تتحدّث عن كلّ شيء في نصّ واحد. إنّها ليست مشكلة هذه المسرحيّة بالذّات بل أراها مشكلة أغلب النّصوص في تونس. معذرة على الإطالة.



تعليق malek

j'ai bcp aimé.la salle qui etait pleine a ete impressionee par la qualité de la piece .rien a voir avec l'esbrouffe et la mediocrité de "fuate2frappe"



تعليق kissa-online

@wallada
هذه المسرحية جيدة.انصح القرّاء بمشاهدتها.
@bacchus
المشكلة ليست في كثرة محاور الأهتمام في المسرحيات.المشكلة في طرق مسرحة هذه المواضيع.زد على ذلك ان انحصار حرية التعبير لا يسمح لرجال المسرح في تونس ان يكونوا جريئين.
@malek
لك الحق .البون شاسع بين العملين.