السبت، 16 فبراير 2008



المسؤول : لم نعثر لك على عمل...لم لا تهاجر إلى ليبيا?

الرّجل : و أولادي ?

المسؤول : أولادك في حفظنا, ألا تعلم أنّ كلّ من يولد في هذه المدينة

هو في رعايتنا من لحظة ولادته إلى لحظة وفاته...البارحة مثلا ولد

في المدينة عشرة أطفال, و قد سهرنا الليل كلّه, لننظّم حياتهم بيننا...

واحد سيكون معتوها...واحد سيكون معلّما, رغم أنّنا سنضطرّ

إلى تأجير مستودعات أخرى...ثلاثة سيكونون من المحكوم عليهم

بالسجن المؤبّد...واحد سيكون معارضا...واحد سيكون فلاحا...

واحد سيكون قاتلا و يعدم...التاسع سيكون مهاجرا. أمّا العاشر

فنحن نتوسّم فيه الخير...أبوه من عائلة مجيدة...سيكون سياسيّا ناجحا

و يفوز في كلّ الانتخابات البلديّة و التشريعيّة التيّ سيخوضها...

مشهد من "تمبكتو" السّعيدة

المنصف الوهايبي



تعليق غير معرف

نصّ جميل
تكثيف في المعاني و وضوح في الصورة



تعليق Mariouma

rien à dire, je t'ai deja donné mon avis! :)



تعليق moncef ouhaibi

• في الشّخير وتداعياته اللغويّة والسياسيّة
• منصف الوهايبي
1ـ شخير بدوي

كانت الدار التي استأجرها والدي في الخمسينات من القرن الماضي،عندما انتقلت عائلتنا من الرّيف إلى القيروان،تتكوّن من ثلاث حجرات مستطيلة تطلّ على صحن صغير أشبه ببئر ظلّ وضوء وهواء.لكن لا أقباء في دارنا ولا حجرة علويّة للضيوف،فكان البدو من أقاربنا يقاسموننا أنا وأخوتي ـ كلّما زاروا القيروان ـ حجرتنا الغربيّة الضيّقة،أوينتشرون في الصحن أو يتكدّسون في بيت المؤونة بين أكياس القمح والشّعير والحمص والفول وخوابي الزّيت وقوارير العسل ومربّي التّين الشّوكي...
.
لا أزال أذكر ـ ونحن، أنا وأخي، نعود في آخر ليلة العيد أو المولد النّبوي،ونتسلّل في حذر من السّقيفة إلى حجرتنا ـ شخيرهم وهو لا يكاد ينخفض حتّى يعلو؛ ثمّ ينزل إلى القرار في قفلة وقتيّة،ليعود غطيطا هادئا فحشرجة عالية. هو طنين حينا أو دندنة،وهو أزيز أو هدير محرّك أو صوت طائرة لحظة الإقلاع حينا.
ومع ذلك أستشعر اليوم ـ وقد انضممت إلى جوقة الشخّارين وترهّل سقف الحلق أو ربّما لتضخّمات لحميّة خلف الأنف أو في اللوزتين ـ شخيرهم:
! موسيقى أي والله
فقد تبوّش العالم[من باش بوشا.وتبوّش القوم أي اختلطوا وضجّوا.وقالت العرب:"تركهم هوشا بوشا(بفتح الباء)أي مختلطين.و"الأوباش" في لغة العرب جمع مقلوب منه.وفي اللسان:"وبش للحرب"أي جمع جموعا من قبائل شتّى.والوبش:رقط من الجرب يتفشّى في جلد البعير.والأوباش(جمع وبش):سفلة النّاس وأخلاطهم.]
ـ لمن يشكّ في هذه المعلومة اللغويّة أو يقع في ظنّه أنّها من ألاعيب صاحب الباب الخاطئ،أن يعود إلى أيّ معجم شاء من معاجم العربيّة(مادّة و.ب.ش).

أجد اليوم،وطبول الحرب تقرع في كلّ مكان، شخير أهلنا الرّاحلين،موسيقى ونغمة من أنغام راست الذيل أو النوا أو الإصبهان أو الإصبعين،بل درجة من درجات الكردان والراست،وأحنّ إلى شخير جدّتي كما يحنّ محمود درويش إلى خبز أمّه وقهوة أمّه.
أسند رأسي إلى الوسادة،تاركا للرّحلة أن تبدأ: هواء ناعم يمرّ أولاً من اللسان،فسقف الفم، فاللهاة،فاللوزتين ليصل إلى الرئتين.ثمّ ترتخي عضلات الحلق،ويهتز كلّ من سقف الفم واللهاة؛ وتبدأ موسيقى الشّخير. وكم هي أمتع عندما"نـتـشاخـر" أنا وشريكة حياتي (أي نتبادل الشّخير) رغم ما قرأته من أنّ تقاسم السرير مع من يشخر أثناء النوم قد يسبّب ارتفاعا في ضغط الدّم،ولكنّ هذا البحث لا يتحدّث عن"الـتّـشـاخر"(على وزن تفاعل).فعسى أن يكون هذا قادحا لبحث قائم بنفسه،ينهض له طبيب"شخّـير" من بني قومنا.
شخير فرنسيRonflementـ2
الشّخيرظاهرة منتشرة في العالم كلّه ونسبة إصابة السيدات به 30% أما الرجال فتزيد على 40%.
10% يفسد الشخير ليالي 10 ملايين فرنسي،أكثرهم رجال ومابين 4و
من السكان يتوقّفون عن التنفّس مرّات كثيرة خلال الليل.
• إمّا لاعوجاج بالحاجز الأنفي
• أولوجود زائدة لحمية
• أولتضخّم باللوزتين أو بلحمية البلعوم الأنفي
• أو بسبب السمنة أوالأنسجة المترهلة في سقف الحلق أوبسبب التدخين وتعاطي الكحول..
(لا يساورني شخصيّا شكّ في أنّ هذه النّسبة تزيد بكثير في البلاد العربيّة،وأنّ النّاس يتوقّفون
عن التّنفّس مرّات كثيرة خلال النّهار أيضا،لأسباب أخرى مثل ترهّل الأنظمة،وضمور تلك الأجزاء
النّشيطة من الدّماغ،أي التي تنذرنا بالأخطار المحدقة بأجسادنا أثناء النوم.)

! تخيّلوا للحظة ملايين الفرنسيّين يغطّون ويشخرون في ليل باريس
وقد تعمّـدت أن أتخيّر باريس،وأتحاشى أيّة عاصمة عربيّة،لسببين على الأقلّ:
أوّلهما أنّي واثق من رحابة صدر الرّئيس الفرنسي"ساركو"،رغم أنّه ينفعل أحيانا مثل أيّ منّا؛كما حدث له أخيرا مع أحد مواطنيه،رفض مصافحته،وترك يد رئيسه ممدودة في الهواء.ولكنّ السيّد ساركوزي يعرف أنّه شخصيّة عامّة.وهو يدرك،لاشكّ،أنّه إذا كان كذلك،فعليه أن يقبل أن يكون عرضة للقيل والقال والتّقليد والمحاكاة...
وثانيهما أنّي أكاد أقرّر متعجّلا غير متريّث أنّ الرّئيس"ساركو" يشخر،فإن لم يكن فلا بدّ أنّه ينخر أي يمدّ الصّوت والنّفس في خياشيمه؛وليس ثمّة كبير فرق بين الشّخير والنّخير،لأنّ"شخر" تعني صات من حلقه أو أنفه.وحجّتي لذلك تصريحاته حول لبنان وفلسطين والعراق،فهي تؤكّد ما يقوله العلماء من أنّ أجزاء من الدّماغ تغلق بشكل كامل أثناء النّوم،والنوم متعلق بجوهره بالدماغ أكثر من صلته بالجسد. فلعلّ النّوم لم يمنحه الفرصة لتنظيم الأفكار التي خامرته نهارا،فصرّح بما صرّح وهو يشخر أو ينخر.
! تخيّلوا إذن للحظة ملايين الفرنسيّين يغطّون ويشخرون في ليل باريس
وتخيّلوا معي أصوات باريس وقد أخلدت كلّها إلى الصّمت،وقد أضرب عمّال الموانئ والمصانع؛فلا هدير محرّكات،ولا قطارات تغدو وتروح،ولا طائرات تهبط وتقلع...وتخيّلوا الرّئيس وهو ساهر يستمتع بشخيرمواطنيه،وهم يغطّون في ليل باريس الهانئ .أو تخيّلوا العكس:الرّئيس وهو نائم،فيما مواطنوه ساهرون يستمتعون بشخيره.لعلّكم ستقولون مثلي: لليد وقت.لعلّه النّهار.للعين وقت.لعلّه الليل.ولعلّكم تقولون:أوّل ما يطفؤه النوم يدانا.أوّل ما يشعله عيوننا.
3ـ شخير أم شحير؟خاء أم حاء؟

حدّثني كاتب تونسيّ معروف،قال إنّه قصد باريس؛لعلاج الشّخير الذي أصبح يقضّ مضجع أسرته. وتفاجأ عندما خيّره الطبيب،بعد الفحص والتّحاليل،إن كان يرغب في إزالة الشّخير جزئيّا أو كلّيا. وإذ سأله عن الفرق،أعلمه أنّ الجزئي يحوّل الشّخير إلى غطيط خفيف لا ضير منه؛فيما الكلّي ينجم عنه ضرر بالغ في الجهاز الصّوتي،إذ يفقد متكلّموالعربيّة والعبريّة والأسبانيّة والألمانيّة حرف"لخـاء"، ويستبدلونه بحرف"الحـاء".وعليه رفض صاحبنا إزالة الشّخير كلّيا. والحقّ أنّي قلت له لو كنت مكانك لفعلت،فليس أقلّ من أن توحّدنا الحاء بعد أن فرّقت بيننا الخاء.
قال:هل ترضى أن أذهب إلى السّوق لشراء الخوخ،وأقول للبائع:يا أحي[أخي] زن لي كيلو من الحوح[الخوخ]؟ أو أقول له إنّ حوحك حامج[خوخك خامج]؟وقس على ذلك كلّ الكلمات التي تتصذّرها الخاء أو تتوسّطها أو تقفلها.
وفكّرت بيني وبين نفسي،فأنا مثلا شاركت عام2004 في الانتخابات التّشريعيّة،ولا شكّ لو أنّني أزلت الشّخير كلّيا،لقلت:
شاركت في"الانـتـحـابات" التّشريعيّة،وما كنت لأحجل[أخجل] من ذلك أمام أصدقائي وإحواني[إخواني].بل سأصرّ على أنّها كانت إحصاء[إخصاء]لأصوات النّاحبين[النّاخبين]،
بسبب التّدليس الذي طالها،حتّى لو زجّوا بي في دار حالتي[دار خالتي].
أعرف أنّ أفرادا من شتات اليسار سيقولون إنّي حائن حوّان[خائن خوّان]،
أوأنّي حرفت[خرفت]أو أنّ الحمرة[الخمرة] لعبت برأسي وزيّنت لي المشاركة في هذه الانتحابات [الانتخابات] التي كلّفت الحزينة العامّة[الخزينة] أموالا طائلة؛
كان ينبغي أن تصرف في إصلاح حراب المؤسّسات[خراب].
وربّما قال آحرون[آخرون]وهم يقرؤون نبأ ترشّح أحينا[أخينا]نجيب الشابي للانتحابات[الانتخابات]الرّئاسيّة ، إنّ المناح السّياسي[المناخ]لم يتغيّر،
ونحن لسنا محيّرين[مخيّرين]بعد في أن نحتار[نختار] أو ننتحب [ننتخب]من نشاء.
بل حتّى لو نجح أحونا[أخونا]أوأحوهم[أخوهم]فهل هو إلاّ حليفة[خليفة]حلت[خلت] من قبله الحلفاء[الخلفاء]؟